Add Listing Sign In

كورونا ترفع نسب تزويج القاصرات بين السوريات/ين في الأردن

سمر (اسم مستعار) لاجئة سوريّة مقيمة في مخيم الزعتري وتبلغ من العمر الخامسة عشرة، تمّ تزويجها في شهر كانون الثاني من العام الماضي، تقول خلال حديثها لشبكة الصحفيات السوريات وحكاية ما انحكت إنّه لم يكن أمامها أيّ خيار “كلاجئة ومغتربة عن بلدي، خصوصًا أنّه مع جائحة كورونا ضاقت علينا الحياة بسبب قلّة المساعدات”.

سمر التي زُوِجت قاصرًا ليست الوحيدة في العائلة، فشقيقاتها الثلاث زُوجنّ في الفترة نفسها نتيجة سوء الوضع المعيشي للعائلة، فصارت “المسؤوليات التي تتحملها، أكبر من عمرها”، إضافة إلى أنّها تعيش مع عائلة زوجها ما يُرتب عليها مهام أخرى.

“الزواج في عمري له سببان” تقول سمر، “الأول أنّ هذه المسألة موجودة في مجتمعنا وكثير من أبنائه يقبلها، والثاني سببه ضيق سبل العيش وتفاقم المسؤوليّات على العائلات التي تعيش داخل المخيمات”، لكن لو تمّ العمل على هذه الأسباب من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإغاثيّة “لما أُجبرتُ على الزواج”.

تشير الأرقام الصادرة عن دائرة قاضي القضاة والمحاكم إلى أنّ انتشار جائحة كورونا رفعت نسب وأعداد عقود تزويج القاصرات، حيث وصلت النسبة خلال عام 2020 إلى 11.8%، كما شهدت المملكة 3400 حالة طلاق مبكر (الطلاق من زواج لم يتجاوز العام الواحد)، بنسبة 19.8% من مجمل حالات الطلاق في العام 2020.

تقول الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس حول موضوع تأثير كورونا على حالات تزويج القاصرات إن الأردن قد شهد ارتفاعًا في نسب تزويج القاصرات خلال جائحة كورونا، وتقول إنّ أحد الأسباب كذلك هو تسرّب العديد من الفتيات من المدارس وارتفاع نسب عمالة الأطفال اللاجئين/ات ممّا ساهم في تأجيج الظاهرة.

تزويج القاصرات كأحد أشكال الاتجار بالبشر

تضيف الدكتورة سلمى النمس خلال حديثها معنا أنّ الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة والعمل بشكل غير مُنظّم سواء للنساء والرجال يساهم أيضًا في تزويج القاصرات، فضلًا عن الجانب التشريعي الذي يسمح بالزواج دون الثامنة عشر، والذي يعد سببًا لا يمكن إغفاله.

ترى النمس أنّه لابد من إجراء تعديلات قانونيّة على الاستثناءات الواردة في قانون الأحوال الشخصيّة للتضييق على مثل هذه الحالات وحماية المجتمع من الآثار التي قد تترتب على ازدياد نسب تزويج القاصرات بصورة أكبر. وأكدت أنّ حماية الفئات المهمشة من الفقر والتركيز على الارتقاء بالتعليم بالإضافة إلى العمل مع الفتيات الشابات وتوعيتهن وتثقيفهن يُعد أحد الحلول للتصدي لهذه الظاهرة.

تزويج القاصرات يأخذ أشكالًا عديدة، حسب النمس، ويعتبر الاتجار بالبشر أحد أشكالها، حيث يتم استغلال الفتيات ويتم تزويجهن أكثر من مرة، وفي بعض الحالات يتم تزويجهن دون عقد رسمي على الرغم من وجود أطفال.

الاخصائيّة الاجتماعيّة في اتحاد المرأة في الأردن، عروبة غنيمات، ترى أنّ الأسباب المؤديّة لتزويج القاصرات متداخلة ويأتي أبرزها من المنظور الفكري المرتبط بالعادات والتقاليد، والأوضاع الاقتصاديّة للأسرة، وأسباب سياسيّة كالحرب والنزاعات والهجرات.

تشير غنيمات في حديثها معنا إلى أن دور المنظمات الحقوقيّة يكمن في التركيز على برامج التوعية وزيادة رفع الوعي نحو تزويج القاصرات وتفعيل القوانين الرادعة بحق من يزوج ابنته دون رغبتها أو إتمام تعليمها، وزيادة وعي الأسرة بأن لا يستغلوا/ن الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة بالهرب من الواقع وتزويج بناتهم/ن.

في هذا السياق، تقول المتحدثة باسم المفوضية الساميّة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، ليلي كارلايل، إنّ الزيادة في نسبة تزويج القاصرات في الأردن كانت بين عامي 2019 و2020، وتعزو السبب في ذلك إلى انتشار وباء كوفيد-19، حيث لجأ اللاجئون/ات بشكل متزايد إلى “آليات التكيّف السلبيّة مع الوباء”، بما في ذلك تزويج الأطفال، حيث تضطر العائلات إلى اتخاذ خيارات صعبة بسبب وضعها المالي.

تقول كارلايل إنّ المفوضيّة تعمل عن كثب مع وزارة التربية والتعليم الأردنيّة والحكومة الأردنية لضمان تلبية الاحتياجات التعليميّة لجميع الأطفال بغض النظر عن وضعهم/ن أو جنسيتهم/ن، حيث أنّ معدلات التسرّب الدراسي بين الفتيات اللاجئات السوريّات أمر يدعو للقلق، رغم أنّ نسبة ترك البنين المدرسة أعلى مقارنة مع البنات. ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة No Lost Generation في العام 2020، كان هناك معدل تسجيل 61٪ من الأطفال والطفلات السوريين/ات اللاجئين/ات في المدارس، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 8٪ مقارنة بمعدلات الالتحاق بالمدرسة في العام 2017، لكن ومع ذلك ارتفع الالتحاق الدراسي داخل مخيّمات اللاجئين/ات بنسبة 3٪ بين العامين الدراسيين 2019 و2020.

كما أوضحت كارلايل أنّ المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن تنفذ عدّة برامج للقضاء على زواج الأطفال بما في ذلك برامج التوعية وتمكين الفتيات بالإضافة إلى تقديم خدمات إدارة الحالات وتقديم المشورة للأسر والفتيات المعرضات لخطر زواج الأطفال.

الأرقام تتحدث 

في بيان صادر لجمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” بتاريخ التاسع من تشرين الثاني 2021، فإنّه ووفقًا للتقرير الإحصائي السنوي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغت نسبة حالات الطلاق في الأردن العام الماضي للذكور للفئة العمريّة 30-40 عامًا نحو 34.2%، بعدد 5871 رجلًا، فيما كانت أعلى نسبة لطلاق الإناث للفئة العمريّة 21-25 عامًا بنسبة 29.7% بعدد 5103 امرأة.

يشير البيان إلى عدم وجود نص في قوانين الأحوال الشخصيّة النافذة في الأردن للمسلمين/ات والمسيحيين/ات على حدّ أدنى لسن الخطوبة، حيث نصت المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصيّة للمسلمين/ات على أنّ الخطوبة هي طلب التزوج أو الوعد به، وفقط.

عدم تحديد الحدّ الأدنى لسن الخطوبة يفتح الباب على مصراعيه أمام استمرار حالات التزويج المبكر والقسري المفتقد للإرادة والاختيار الواعي والحرّ، ويشكل حرمانًا للفتيات من حقهن في رسم مستقبلهن، ويهدد فرصهن في التعليم والعمل، ويحرمهن من التمتع بطفولتهن وحقوقهن، ويعرضهن لمحنة الطلاق المبكر وفي كثير من الحالات مع وجود أطفال، كلّ ذلك حسب بيان “تضامن” الذي وجد أيضًا أنّ هناك وصمة اجتماعيّة تلاحق المرأة المطلقة، إضافة إلى آثار أخرى للطلاق وللالتزامات المترتبة على ذلك والمنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصيّة.

عادات تؤطَّر المرأة وتسلب حقها

فادية (اسم مستعار) البالغة من العمر 16 عامًا، زُوّجت رغمًا عنها في شهر أيار من العام 2020، نتيجة سوء الوضع المعيشي لأهلها بعد انتشار جائحة كورونا، تقول لنا إنّها كانت تحب الدراسة وكانت من الطالبات المُجدّات في صفها، لكن أهلها أجبروها على الزواج لأنّهم فقدوا القدرة على إعالتها.

قصة زواج فادية لم تستمر طويلًا، فعادت إلى بيت أهلها مطلّقة بعد شهور أربعة، وتقول إن سبب الطلاق كان “خلافات عائليّة مع زوجي، وانعدام التفاهم بيننا”، وأضافت أنّ “الخسارة الأكبر بالنسبة لي هي خسارتي للمدرسة، أريد أن أكمل تعليمي وأدرس الصيدلة”.

تقول المحامية سلام الزعبي إنّ سن الزواج بحسب القانون الأردني هو 18 سنة شمسيّة للذكور والإناث، ويُمكن لمن بلغ/ت السادسة عشر من عمره/ا الزواج بموافقة خطيّة لقاضي القضاة، والضابط في ذلك هو المصلحة مثل أن يكون الأهل فقراء وغير قادرين على الإنفاق أو أن يكون الوالدان منفصلان.

تشير الزعبي إلى أنّ نسب قضايا الطلاق تزداد بزيادة الزواج المبكر، مضيفة أنّ الزواج المبكر يُصنف كعملية اتجار بالبشر، حيث يحصل ولي الأمر على مهر ابنته دون أن يكون لها رأي وموقف حول زواجها.

كما تؤكد على أنّ لثقافة المجتمع دور كبير في ذلك، فغالبيّة المجتمعات العربيّة، ومن بينها سوريا، تسمح بزواج الفتاة القاصر، وقديمًا كان يتم تزويج الفتاة دون عقد زواج رسمي -كان يتم تثبيته في المحكمة بعد مرور فترة زمنيّة قد يكون خلالها قد حدث الحمل- عند الشيخ وليس عن طريق موظف حكومي، وهذا هو، حسب القانون الأردني، “الزواج العرفي”، وهو زواج يحتاج لإثبات وتوثيق.

“طوال عمري أعيش في مجتمع لا يرى مكانًا للفتاة إلّا بيت زوجها”، تلقي فادية اللوم على “عائلتي وعلى المجتمع بأكمله”، لأنّه جعل من الزواج “أولويّة” وهمّش أهمية التعلم، كما ترى فادية أنّه “لا ينبغي اعتبار زواج الفتيات حل للمشكلات الاقتصاديّة ولفقر عائلات النساء”.

لقراءة التقرير كاملا :

Prev Post
دورات مجانية في مراكز مساراتي
Next Post
تدريبات وورش عمل من كاريتاس لبنان

Add Comment

Your email is safe with us.

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Application for registration on Rawabet

X