اللامركزية وتمكين المرأة في سوريا سياسياً واقتصادياً
جهة النشر: تجمع سوريات من أجل الديمقراطية/ Coalition of Syrian Women for Democracy
بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، وادعاءات القوى السياسية في تمكين النساء؛ ما زالت المشاركة السياسية في أدنى مستوياتها ضمن الوفود الرسمية لجميع الأطراف السياسية وفي تشكيلاتها السياسية المختلفة. فلم تتعدّ نسبة عدد النساء في اللجنة الدستورية -وهي الجسم السياسي الأبرز في العملية السياسية السورية- الـ 28 % بعد تدخّل الأمم المتحدة، وعبر ما يسمى بالكتلة الثالثة أو كتلة المجتمع المدني التي كانت نسبة النساء فيها حوالي 48 %. ورغم ويلات الحرب السورية، لم يتوانَ حراك النساء السوريات عن العمل بكل وسيلة للحصول على حقوقهنّ التي أهدرتها التقاليد والقوانين والقوى السياسية التي تقف خلفهما.
ورغم ما أثمره هذا النضال عن رفع مساهمة النساء في اللجنة الدستورية، أو في تأسيس الملجلس الاستشاري النسائي، أو المساهمة إلى حد المناصفة فيما يُسمى “غرفة دعم المجتمع المدني”، ظلّت مساهمة النساء الاقتصادية والسياسية ضعيفة للغاية، وبعيدةً كل البعد عن أي مساهمة عادلة تمثّل نسبة النساء الحقيقية في المجتمع.
يقدّم بحث ((اللامركزية وتمكين المرأة في سوريا سياسياً واقتصادياً)) قراءة وتحليل حول دور اللامركزية في تمكين النساء سياسياً واقتصادياًً، انطلاقاً من فرضية أن اللامركزية هي أحد مداخل الحل في سوريا، وعنصراً أساسياً من عناصره بحكم الأمر الواقع و تشظّي البلاد بفعل
العنف والتدخلات الأجنبية والإرهاب.
كما حاول البحث الإجابة على ثلاثة أسئلة أساسية وهي: ما هو واقع المشاركة السياسية والاقتصادية للنساء في مناطق
سيطرة الحكومة المركزية؟ ما هو واقع اللامركزية في مناطق سيطرة الحكومة المركزية؟ ما هو أثر اللامركزية على فرص تمكين النساء من المشاركة في الحياة العامة في الدول التي تتشابه في ظروفها مع سوريا، وكيف يمكن الاستفادة منها؟
وأظهر البحث وجود فجوة سياسية كبيرة تتمثّل في ضعف تمثيل النساء على المستوى الوطني والمحلي. فمشاركة النساء في السلطتين التنفيذية والتشريعية لم تتعد نسبة 10-12%، في حين أنها أدنى من ذلك بكثيرعلى المستوى المحلي، رغم تحسّنها الملحوظ في آخر انتخابات لمجالس الإدارة المحلية التي جرت في العام 2022، حيث وصلت النسبة إلى 11%. بالطبع تظلّ هذه النسبة ضعيفة للغاية.
ولا تقلّ الفجوة الاقتصادية سوءاًَ عن الفجوة السياسية. إذ تراجع معدّل المشاركة الاقتصادية للإناث من 22% في
العام 2010 لتبلغ بالمتوسط 61.14% خلال سنوات الحرب، مقارنةً بـ 82% للذكور في العام 2010 والتي انخفضت بالمتوسط إلى 88.75 % خلال سنوات الحرب؛ وهذا يعني أن امرأة واحدة فقط من كلّ سبع نساء إما تعمل أو تبحث عن عمل، مقابل رجلين من كلّ ثلاثة رجال.
بعد ذلك، قيّم البحث أثر اللامركزية على المشاركة السياسية والاقتصادية للنساء، مستنداً في ذلك إلى تجارب عدد من الدول العربية وغيرالعربية.
ونوّه البحث إلى “أن اللامركزية قد تلعب دوراً سلبياً متمثلاً في تمكين النُخب المحلية التقليدية، والتي عادةً ما ترفض مشاركة النساء في الحياة العامة. وبالتالي؛ يجب تصميم نظام اللامركزية، بشكل حسّاس للنوع الاجتماعي، عبر الكوتا مثلاً، كي تُعطي النتائج المرجوة منها.”
وأخيراً قدّم البحث عدداً من التوصيات للمجتمع المدني، والأطراف السياسية، وخاصةً اللجنة الدستورية، لضمان تصميم نظام لامركزي فعّال وحسّاس للنوع الاجتماعي.
Add Comment