موقع Syria online
هل الديمقراطية في خطر في عصر المعلومات؟
نظراً لانطلاق المنتدى العالمي للديمقراطية في ستراسبورغ في نوفمبر عام 2019، فإنّ المستشارة المعرفيّة لمنظمة NIMD داليا بروستو تشاركنا رؤيتها حول ما إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تهدد الديمقراطية حقاً، وما الذي يمكن فعله حيال ذلك.
وقد كتبت قبل عام من الوقت نفسه قبل عقد مؤتمر الابتكار في المنظمة ذاتها مدونة شاركت فيها رأيها حول التكنولوجيا التشاركية وقدرتها على تمكين المواطنين وتقوية جذور الديمقراطيات، وقد جادلت في أنّ الوقت الحالي يسود فيه عدم رضا الأفراد واستيائهم المتزايد، وأنّ الأدوات الرقميّة قد توفّر لهم إمكانية الوصول إلى المجال السياسي، وليس هذا فحسب وإنّما أيضاً تساعد المواطنين على أن يصبحوا أكثر مشاركة وتفاعلاً مع الموضوعات التي تؤثر على حياتهم.
ورغم ذلك؛ سيكون من الساذج عدم النظر إلى الجانب الآخر للعملة، والذي يرى أنّ التكنولوجيا قد تُشكّل تهديداً لديمقراطياتنا. فما الذي قد يحدث إذا ما استغلت الأنظمة الاستبداديّة هذه الأدوات التي أتاحت بالفعل لجيل الشباب المشاركة في الجدل السياسي بعد سنوات طويلة من الإهمال واللامبالاة بآرائهم؟
عندما تتدخل هذه الأنظمة الاستبداديّة في عالم الإنترنت وتوظيف المتسللين والمتصيدين، تصبح تكنولوجيا المعلومات أداة للتحكم وعائقاً أمام حرية التعبير والتحرر.
يعد استخدام حسابات الروبوت الآلية على وسائل التواصل الاجتماعي إحدى التقنيات الأساسية العديدة التي تستخدمها الجهات الحكوميّة المدعوة من الدولة لمحاولة التأثير على المناقشات الجارية عبر الإنترنت وتحقيق مكاسب سياسيّة.
كيف تستغل الأنظمة الاستبداديّة وسائل التواصل الاجتماعي لصالحها في الانتخابات؟
قد تُستخدَم تكنولوجيا المعلومات لتزوير الانتخابات، ونشر الأخبار المزيفة والإشاعات، والمساهمة عموماً في انعدام ثقة المواطنين في نزاهة النظام الانتخابي. وكذلك انتشرت الكثير من المزاعم التي تُفيد باستخدام روسيا لوسائل الإعلام الاجتماعية للتأثير على النتائج الانتخابية في أوكرانيا والانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة في الكثير من وسائل الإعلام الإخباريّة، بالإضافة إلى شكاوى روسيا الخاصة من تدخل الغرب في الثورات في جورجيا وأوكرانيا.
في حين أنّ التدخل في الانتخابات ليس جديداً بالطبع، إلا أنّ مدى الوصول الذي يتيحه الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يوفّر لنا مصداقية أكثر دون القدرة على التلاعب بالرأي العام.
فيما تُعد مواقع وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولة مسؤولية كاملة عن تفاقم حدّة الأطياف السياسيّة، ونشر محتوى غير خاضع للرقابة أبدأ، وتوفير تغطية لكل من يحاول نشر الأخبار الزائفة وخطابات الكراهية والآراء المتطرفة.
هل من الممكن أن تساعد الخوارزميات وأدوات المراقبة على مواجهة هذه التوجهات بشكل أفضل؟
يسعى كل من تويتر وجوجل إلى زيادة التعاون في إيجاد طرق تساعد على منع الإساءات ونشر الإشاعات والأخبار الزائفة، وفي حين تلتزم جوجل بالتعامل مع الأخبار الزائفة ومعالجتها، فإنّ تويتر يحظر جميع الإعلانات السياسيّة على موقعها ولا يتيح هذه الخدمة.
على الرغم من أنّ هذه التدابير مفيدة، إلّا أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تتطلب لوائح وقوانين أقوى تساعد في منع انتشار خطاب الكراهية، والنداءات الإرهابية، وأي نوع من المضايقات.
أمّا فيسبوك – اللاعب الأكبر في مجال التواصل الاجتماعي لم يُقدّم حتى الآن أي حل وسطي للتحقق من الإعلانات السياسيّة، مما يجعل من السهل نشر الأخبار المزيفة طالما أنّ الموارد متاحة.
وقد اعترض الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب على الكثير من الأخبار الزائفة التي تُنشر برأيه، زاعماً أنّ المنصات عبر الإنترنت متحيزة ضد الجماعات المحافظة عبر الإنترنت، كما واقترح إعادة تنظيم المزودين مثل فيس بوك وتويتر.
إلى أين سيقودنا هذا الأمر؟
تحتاج الديمقراطيات إلى نقاشات كثيرة، ويجب عدم منع المشاركة في القضايا المعقدة من جوانب مختلفة من الأحزاب السياسيّة.
تُوفّر التكنولوجيا مساحة للتواصل ومشاركة المشاهدات والمشاركة في محادثات لم يسبق لها مثيل في حياتنا، لذلك ينبغي علينا عدم تجاهل الاستخدام السيء الأداة عند إساءة استعمالها.
كما وعلينا أيضاً أن نركز على استخدام هذه الأدوات بشكل مسؤول، وتقديم الدعم من أجل وضع لوائح وقوانين تضمن للأفراد مساحة صحية للتفاعل.
بدون عمليات الإصلاح والرقابة الفعالة، فإنّ هناك احتمالات كبيرة لأن تتحوّل المشاكل إلى عناصر مهددة للديمقراطية.
وحتى تحقيق ذلك، ستعتمد الديمقراطية على تفكير مواطنيها النقدي وقدرتهم على التحقق من المصادر وحرصهم على إجراء الحوارات والنقاشات باحترام مع أناس ليس بالضرورة أن يوافقونهم الرأي في النقاش الجاري.
ترجمة هديل البكري؛ المقال مترجم من IS DEMOCRACY IN DANGER IN THE INFORMATION AGE
Add Comment