إنشاء سجل Sign In

اللاجئ السوري شماعة الأنظمة القمعية‪

اللاجئ السوري شماعة الأنظمة القمعية‪

بقلم: جاد شحرور

جهة النشر: Arab NGO Network for Development

لكل نظام أمني قمعي، شمّاعة سياسية اقتصادية. ومن بعد العام ٢٠١١، اندلاع الثورة السورية، توسعت أنواع الشماعات السياسية الاقتصادية للأنظمة القمعية، لتشمل ملف اللجوء. عانى اللاجئ السوري من نظامه ومن الحرب وعانى أيضاً في بلاد اللجوء. في لبنان، تركيا، الأردن، مصر والعديد من الدول الأوروبية، التي منعت اللاجئين من دخول أراضيها. وكان لخطاب الكراهية بيئة حاضنة ضد اللاجئين في البلدان المذكورة. سقطت كل مسودات السلوك الإعلامية في مصر والأردن‪.‬ في تركيا مثلاً، ولغاية اليوم آلاف الفيديوهات تنتشر لمواطنين يصبون غضبهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي على السوريين. غالباً ما يعالج إعلام هذه الدول قضية اللاجئين بشكل عنصري وكآفّة اجتماعية، من دون ذكر سببها في الأساس، مما يطرح نفساً عنصرياً في توصيف القضية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً‪.‬

‪ ‬الإعلام اللبناني ضد اللاجئ السوري

تصدّر خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين كشماعة سياسية لتبرير الأزمة الاقتصادية في لبنان. والمحفز الأول لهذا الخطاب، هو بعض الساسة والمحللين السياسيين، ومن دون أدنى شك المواقع والصحف والشاشات الإخبارية المملوكة من عائلات النظام الحاكم.

في نيسان/ أبريل الماضي، تصدّر مشهد خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في أقل من أسبوع وبشكل منظم وفي دوائر إعلامية واجتماعية مختلفة بين نشرات أخبار، ونشاط إلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً منصة “تويتر”. وطبعاً كان دوراً كبيراً لبعض المواقع الإخبارية الإلكترونية الحصة الأكبر في نشر الخبر. من هذه الأخبار، لغة تتهم أطفال سوريين في تسبب بالفوضى في وسط بيروت، لتواجدهم في في بركة مياه عامة في ساحة سمير قصير. وخبر آخر نشر صوراً لجدران في إحدى القرى الجنوبية للبنان، تحمل شعارات “داعش”، ونسبها للاجئين سوريين، ليتبين فيما بعد، أن من قام بكتابة الشعارات هم لبنانيون من القرية نفسها. وخبر أعتبره شخصياً أنه‪ ‬ ‪Template‬، قالب جاهز، عند أي جهة تود إلصاق تهم إرهاب، وهي وجود حواسيب محمولة مع مجموعة شبان! ليتبين أن الشباب عاملين في مجال الصيانة الإلكترونية والبرمجيات.

اللاجئ السوري اليوم يواجه، مكنات الإعلام العنصرية، بداية مع البرامج التي تنمّط المرأة السورية، خصوصاً بما يتعلق بقرارتها الزوجية وصولاً لقضايا الجرائم والإرهاب، بالإضافة، لتصوير أطفال بشكل يخالف أخلاقيات المهنة ومعاييرها، ثم مثلا من بعد كل انفجار هناك هوية ممزقة لشخص سوري في موقع الانفجار. تعداد الأمثلة يحتاج أكثر من مقال، لا بل يستشرط أرشيف ضمن ورقة بحثية لا تقبل أن تنتهي بأقل من ١٠٠ صفحة على الأقل‪.‬

نظام المصارف ضد اللاجئين أيضاً

استخدم النظام اللبناني، ملف اللجوء على أكثر من مستوى، مستعيناً بخطاب الكراهية على لسان ساسته من جهة، ومهدداً بوجوده استعطافاً لأموال الجهات والحكومات المانحة من جهة أخرى. فمثلاً نشرات أخبار من نوع أن اللاجئ السوري يتقاضى مساعدته من المصارف بالدولار، بين المواطن اللبناني لا يستطيع تأمين قوته اليومي، وأن اللاجئ السوري هو من يأخذ المال في ظل الأزمة الاقتصادية. بينما الحقيقة هي أن نظام المصارف مستنداً لخطاب الكراهية لدى النظام الحاكم وإعلامه، حاول جاهداً تشتيت المعركة الموجهة إليه، من خلال وضع اللبنانيين في مواجهة مع اللاجئين السوريين. وفي أكثر من تصريح اعلامي أوضحت مفوضية اللاجئين في لبنان، حقيقة المساعدات وقيمتها وشكل تقاضيها بالليرة اللبنانية‪. ‬

‪ لا يمكن تصنيف مشكلة اللجوء السوري، كمشكلة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، قبل الاعتراف أنها مشكلة ثقافية، متعلقة بتقبل الاخر، وفعلياً هي نقطة انطلاق كل خطاب كراهية بين المواطنين واللاجئين، وصولاً لتكون لغة سياسية تتمتع ويبرع فيها النظام الحاكم‪.‬

اللاجئ… معركة ثقافية

وللمفارقة، الإعلام اللبناني نفسه الذي يعرض المسلسلات السورية، ويجني الأرباح منها، يخصص بعضاً من التقارير الإخبارية ضد اللاجئ السوري في لبنان كتهديد، ويقدمه بوصفه مشكلة اقتصادية، واجتماعية وسبباً أساسياً للإرهاب. هي مشكلة ثقافية في الذهنية اللبنانية، تنطلق من منظور طبقي، للتطور لخطاب عنصري يحرّض على اللاجئين، ليصبحوا ضحية واقعين، الأول هروبهم من نظام وطنهم والحرب أولاً، وضحية العنصرية وخطاب الكراهية في بلدان اللجوء. نتقبّل السوري الفقير في مسلسل ٧ نجوم ونرفضه في حياتنا. نحتاج السوري المعماري الذي شيّد أبنية الواجهة البحرية في لبنان، ونحتقره احتقاراً طبقياً. نريد اللاجئ السوري لجلب أموال المانحين، ونشتمه في يومياتنا. هذا النظام البائد احتقر مواطنيه، فكيف له ألّا يحتقر اللاجئ السوري؟

المصدر.

المقالة السابقة
منحة مؤسسة The Konrad-Adenauer-Stiftung (KAS) للدراسة في ألمانيا
المقالة التالية
برنامج الغرير لطلبة العلوم والتكنولوجيا، منحة مؤسسة عبدالله الغرير

أضف تعليق

Your email is safe with us.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Rawabet طلب التسجيل في منصة

X