إنشاء سجل Sign In

“حياة أشبه الموت”

واجه اللاجئون السوريون الذين عادوا من لبنان والأردن بشكل طوعي بين 2017 و2021 انتهاكات حقوقية جسيمة واضطهادا من الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها، مثل التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري. أغلب من قابلتهم “هيومن رايتس ووتش” ناضلوا أيضا من أجل البقاء على قيد الحياة والحصول على احتياجاتهم الأساسية في بلد أنهكه النزاع والدمار الواسع.

بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية، أصبح السوريون يُشكلون أكبر عدد من اللاجئين في العالم، حيث ينتشرون في أكثر من 127 دولة، ويوجد العدد الأكبر منهم في تركيا، بينما يستضيف لبنان والأردن أعلى نسبة لاجئين مقارنة بعدد السكان. استقبل لبنان والأردن اللاجئين في البداية بحدود مفتوحة لتسهيل تدفق أعداد كبيرة منهم، لكن مع تزايد الأعداد، تبنى لبنان مجموعة من الاجراءات القسرية والمسيئة، شملت حظر التجول التمييزي، وعمليات الإخلاء، والاعتقال، وغيرها من القيود القانونية المفروضة على الإقامة، والحصول على عمل، والتعليم. في خضمّ الانهيار الاقتصادي الكارثي في لبنان، الذي تفاقم بسبب جائحة “كورونا”، صار أكثر من 90⁒ من اللاجئين السوريين يعيشون في فقر مدقع، ويعتمدون على الاقتراض والديون المتزايدة للبقاء على قيد الحياة. أما في الأردن، فـ 2⁒ فقط من أسر اللاجئين تستطيع تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية. رغم هذه الأرقام الصارخة، لا تزال نداءات المساعدة الإنسانية تواجه نقصا حادا في التمويل في كل أنحاء المنطقة. في 2020، تمّ توفير 52⁒ فقط من المبلغ الذي طلبته وكالات “الأمم المتحدة” في أهم خمس دول مستضيفة للاجئين، وهي تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومصر. حصل لبنان على 57⁒ والأردن على 47⁒ فقط من التمويل المطلوب في 2020.

رغم تزايد مستويات الضعف في لبنان والأردن، لم تشهد أعداد اللاجئين العائدين إلى سوريا بشكل طوعي ارتفاعا كبيرا. لا تزال السلامة والأمن في سوريا في طليعة المخاوف بالنسبة إلى اللاجئين عند اتخاذ قرار العودة إلى ديارهم. وحتى الذين يقررون العودة هم غالبا يفعلون ذلك تحت ضغط شديد. في لبنان، تستمر الحكومة في اتباع سياسات تهدف إلى إجبار اللاجئين السوريين على المغادرة، في وقت صار فيه من الصعب جدا على اللاجئين توفير معظم الضرورات الأساسية بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة والتضخم الكبير. في الأردن، تسبب الانكماش الاقتصادي وتدابير الإغلاق الصارمة في تقويض سُبل عيش آلاف اللاجئين السوريين. اللاجئون الذين يقررون العودة إلى سوريا، ليس لديهم في الغالب سوى معلومات محدودة عن الأوضاع داخل البلاد.

تحصل الإعادة القسرية – عودة اللاجئين إلى أماكن تكون فيها حياتهم وسلامتهم الجسدية وحريتهم مهددة – ليس فقط عندما يتم رفض أو طرد لاجئ بشكل مباشر، وإنما أيضا عندما يكون الضغط غير المباشر شديدا لدرجة أنه يدفع الناس إلى الاعتقاد بعدم وجود أي بدائل أخرى غير العودة إلى بلد يواجهون فيه خطرا كبيرا بالتعرض إلى الأذى.

رغم أن بعض أجزاء سوريا لم تشهد أي أعمال عدائية منذ 2018، إلا أن سوريا مازالت بلدا غير آمن. تؤكد وكالة الأمم المتحدة المعنية بتوفير الحماية الدولية والمساعدات الإنسانية للاجئين – “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين) – أن سوريا بلد غير آمن، وأنها لن تُسهّل عمليات العودة الجماعية إليه في غياب شروط الحماية الأساسية. لكنها ذكرت أنها ستساعد اللاجئين الأفراد الذين يقررون العودة طواعية. ذكّر قرار برلماني صادر عن “الاتحاد الأوروبي” في مارس/آذار 2021 الدول الأعضاء بأنّ سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين.

هذا التقرير الذي يستند إلى 65 مقابلة مع لاجئين سوريين عادوا إلى بلادهم من الأردن ولبنان، أو مع أقارب لهم، يبيّن لماذا سوريا غير آمنة للعودة، ويوثق الانتهاكات الخطيرة والواقع الاقتصادي القاسي الذي يواجهونه عند العودة، ويشرح لماذا بعضهم يقرّر العودة رغم هذه الصعوبات. وجد التقرير أنّ العائدين يواجهون الكثير من الانتهاكات نفسها التي دفعتهم إلى الفرار من سوريا، ومنها الاضطهاد والاعتداءات، مثل الاعتقال التعسفي، والاحتجاز غير القانوني، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، والاختطاف، وتفشي الرشوة والابتزاز على يد أجهزة الأمن السورية والميليشيات التابعة للحكومة. يبحث التقرير أيضا في الممارسات التي تُسمى “التدقيق الأمني” و”اتفاقات المصالحة” – التي كثيرا ما تستخدمها الحكومة السورية للتدقيق في شؤون العائدين والأشخاص الذين يعبرون نقاط التفتيش في سوريا – ويبيّن كيف أن هاتين العمليتين لا تحميان الأفراد من استهداف أجهزة الأمن الحكومية. كما ينظر التقرير في انتهاكات حقوق الملكية وغيرها من الصعوبات الاقتصادية التي جعلت العودة الدائمة مستحيلة بالنسبة للكثيرين.

اللاجئون الذين عادوا ولم يواجهوا تهديدات لحياتهم أو سلامتهم الجسدية يعيشون في خوف من استهداف الحكومة للمدنيين الذين تعتقد أنهم ينتمون إلى المعارضة، أو هم يتعاطفون معها، أو أعربوا عن معارضتهم لها [للحكومة]. أكدت مقابلات هيومن رايتس ووتش مع اللاجئين العائدين الفكرة التي عبّر عنها خبير بارز في شؤون سوريا بأن “كل من يعود تقريبا سيتعرض إلى شكل من أشكال الاستجواب، سواء أثناء تناول كوب شاي مع الأجهزة الأمنية أو أثناء جلسة تعذيب كاملة، فهم يريدون معرفة الأسباب التي دفعت الناس إلى المغادرة”. تشير تقديرات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إلى أنّ حوالي 150 ألف شخص تعرضوا إلى الاعتقال التعسفي والاحتجاز، وحوالي 15 ألفا لقوا حتفهم بسبب التعذيب بين مارس/آذار 2011 ومارس/آذار 2021، أغلبهم على يد قوات الحكومة السورية.

لقراءة االتقرير كاملاً :

https://www.hrw.org/ar/report/2021/10/20/380106

المقالة السابقة
بناء وتصميم الأنشطة الموجهة
المقالة التالية
دعوة للمؤسسات الإعلامية للمشاركة بورشة تدريبية حول التحقق من المعلومات

أضف تعليق

Your email is safe with us.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Rawabet طلب التسجيل في منصة

X