هدر الحق في الصحة خلال النزاع السوري
إعداد: ربيع نصر، وحامد سفور، ومجد الغطريف
جهة النشر: المركز السوري لبحوث السياسات Syrian Center for Policy Research SCPR
تقرير الراصد العربي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 2023
تسبّب النزاع المسلّح بتجزئة الجغرافية السورية وتقسيمها بين عدّة جهات محلية، وإقليمية، ودولية، ما أدّى إلى قيام مؤسسات مرتكزة إلى العنف والاستبداد؛ وأصبح النزاع مصدراً للقوة والموارد والحوافز. وأثّرت هذه المؤسسات سلباً على النظام الصحي العام؛ فأعاقت الوصول إلى الخدمات الصحية والأدوية؛ وتسببت باستمرار انتشار التمييز، وأضعفت الطاقة الاستيعابية في مجال الرعاية الصحية، وتسببت في تدمير البنية التحتية للصحة، بما يشمل استهداف المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
عمل المركز السوري لبحوث السياسات بالتعاون مع الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية على ورقة ” هدر الحق في الصحة خلال النزاع السوري” كجزء من تقرير الراصد العربي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية 2023 – الحق في الصحة، وتهدف الورقة إلى تقييم الحق في الصحة خلال فترة النزاع في سوريا. باستخدام مقاربة الاقتصاد السياسي لتعميق فهم علاقات القوة خلال النزاع من خلال تحليل سياق الحرب، ورسم خارطة الجهات الفاعلة الرئيسية، وتحليل السياسات والتدخلات، وتقييم أثر العوامل المختلفة على قدرات وفرص السكان. تدرس هذه الورقة البحثية، الصحّة العامّة كحقّ أساسيّ من حقوق الإنسان وأحد جوانب القدرات البشرية ضمن السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي في فترة النزاع المسلّح في سوريا. وتحلل تداعيات وديناميّات النزاع على الحقّ في الصحّة من خلال تقييم النتائج الصحية، والأثر على النظام الصحّي، والسياسات المرتبطة بالصحّة في فترة النزاع.
لقد عمدت الأطراف المتحاربة إلى استهداف الصحّة العامّة، وتشويه النظام الصحّي، وإعادة تخصيص الموارد المادية وغير المادية المخصصة للصحة العامة باتجاه تمويل أنشطة النزاع. لقد دمّرت المؤسّسات المتمحورة حول النزاع العديد من المحدّدات الصحية، مثل الحوكمة، ورأس المال الاجتماعي، والرفاهية، وظروف المعيشة، والأمن الغذائي، والاستدامة البيئية. وتحولت القوى السياسية المسيطرة إلى “عدوّة للصحّة العامّة” منتهكة القوانين والتشريعات الدولية والمحلية التي تؤكد على الحق في الحياة والتمتع بالصحة والعافية للجميع. وتبرز الورقة مؤشرات التدهور الصحي في مجالات الوفيات والأمراض المنقولة وغير المنقولة والإعاقة والأمن الغذائي. كما تحدد أبرز السياسات التي تم انتهاجها لتشويه المنظومة الصحية مثل القتل والتعذيب والتهجير والحصار والتمييز في الحصول على الخدمات الصحية. وتخلص الورقة إلى أهمية تفكيك المؤسسات القمعية، واستعادة الأمن من خلال الاستثمار في إعادة بناء المؤسّسات الاجتماعية التي تعزّز التماسك الاجتماعي، وإرساء وتطبيق حكم القانون الذي يحمي جميع الناس، بالإضافة إلى دمج الصحّة مع القطاعات الأخرى وإعطاء الأولوية للأشخاص الأكثر تضرراً أثناء فترة النزاع.
تعتمد الورقة على عدّة مسوحات أجراها المركز السوري لبحوث السياسات وشملت كافة المناطق السورية، وهي مسح حالة السكان لعام 2014، والمسوحات الاجتماعية والاقتصادية لعامَي 2020 و2021، ومسح المواطنة لعام 2022. اعتمدت هذه المسوحات منهجاً تشاركية مع المجتمع المحلي وشملت مقابلات معمقة مع الأشخاص المفتاحيين. كما تستخدم أيضاً مسوحات المركز الشهرية لأسعار المستهلك للأعوام 2020-2022؛ ونتائج مشاركة المركز في ذا لانست-الجامعة الأمريكية في بيروت المعنية بسوريا ورقة خلفية عن النزاع والقدرات في المجال الصحي في سوريا.