جرائم الاختطاف وتجارة البشر بعد ترحيل اللاجئين قسرًا من لبنان
جهة النشر: مركز وصول لحقوق الإنسان – Access Center For Human Rights
أفاد تقرير صادر عن مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR) اليوم، في 19 حزيران/ يونيو 2023 حمل عنوان “جرائم الاختطاف وتجارة البشر بعد ترحيل اللاجئين قسرًا من لبنان”، بأن اللاجئين السوريين في لبنان يعانون من ظاهرة انتشار جرائم الاختطاف مقابل فدية. وقد رصد الفريق الميداني التابع للمركز عدة حالات تعرّض فيها الضحايا، ومن ضمنها نساء وأطفال، لأعمال تعذيب واساءة معاملة خلال احتجازهم وحرمانهم من حريتهم على يد الجهات الخاطفة.
منذ بداية الاحتجاجات المدنية في سوريا عام 2011، وتحولها من الطور السلمي إلى الطور المسلح في 2012، انعكس المشهد (السياسي- الأمني) السوري على لبنان، اقترن ذلك بعدة مواجهات أمنية بين أطراف موالية لحكومة النظام السوري والأطراف المناهضة له داخل لبنان، جرى خلالها اختطاف عشرات اللاجئين السوريين كنوع من الثأر لاختطاف أو اختفاء لبنانيين في سوريا ، كانت موجة الاختطافات تلك تستند إلى دوافع طائفية ، ولم تقم السلطات اللبنانية بأي إجراءات ملموسة لتعقب الخاطفين ومحاسبتهم ، إذ لا يمكن تبرير جريمة بجريمة أخرى، وتمت تغطية عمليات الاختطاف هذه على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام المحلي أو الدولي، لكن حالة الإفلات من العقاب لم تنته في لبنان.
عمليات الاختطاف التي تم رصدها من قبل ACHR تستهدف مدنيين من اللاجئين السوريين تطالب فيها الجهة الخاطفة أهالي الضحايا دفع فدية مقابل إطلاق سراح ذويهم، وتستخدم عصابات الاختطاف وسائل التواصل الاجتماعي لاستدراج ضحاياها، لإيهامهم بتأمين مساعدة مرتبطة باللجوء إلى دول أوروبية في بعض الحالات، وبذلك يتم استدراج الضحية لتنفيذ عملية الاختطاف وطلب فدية من ذوي الضحية لقاء الإفراج عنها.
وبحسب ما وثّقهACHR ضمن التقرير، تعرّضت بعض الحالات التي خضعت لعمليات الترحيل القسري خلال الحملة الأمنية التعسفية الأخيرة التي بدأت في نيسان/ أبريل 2023 من قبل السلطات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين إلى خطر الاختطاف من قبل تجار البشر من المهربين، حيث تركت السلطات اللبنانية بعض اللاجئين الذين تم ترحيلهم قسرًا بطريقة عشوائية عبر معبر “المصنع” الحدودي في نقطة ما بعد الحدود اللبنانية وبالقرب من الحدود السورية، ما زاد من تعرّض حياتهم للخطر والابتزاز المالي من قبل عصابات الاختطاف.
في المناطق الحدودية، تستغل عصابات الاختطاف ضحاياها من أجل تحقيق مكاسب مالية، وتحرمهم من حريتهم بهدف ابتزاز أقاربهم ومطالبتهم بدفع فدية. ووفقًا لشهادات ومعلومات تلقاها ACHR يتعرض اللاجئون الذين يتم احتجازهم وحرمانهم من حريتهم لأعمال عنف بشعة ووحشية. تشمل هذه الأعمال العنف الجسدي القاسي والاعتداءات الجنسية، بما في ذلك اغتصاب النساء، كما تعرض بعض الضحايا للقتل أو الاختفاء في حالة عدم قدرتهم على دفع الفدية المطلوبة. تتسم المعاملة التي يتعرض لها الضحايا بالقسوة واللاإنسانية، حيث يتم تعذيبهم لتشديد المحنة وإرغام أقربائهم على سرعة دفع الفدية لإطلاق سراحهم.
ساهمت الحملة الأمنية الأخيرة التي استهدفت اللاجئين السوريين في لبنان وتسببت في ترحيلهم قسرًا، في تصاعد حالات الابتزاز المالي عبر الحدود من قبل تجار البشر. وبالتالي، تستمر جرائم الاختطاف مقابل دفع فدية ضمن المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا. ويكون غالبية الضحايا هم اللاجئون الذين يتم ترحيلهم إلى مصير غامض، حيث لا توجد آليات ممنهجة تدعمها السلطات اللبنانية لمتابعة ورصد وضع اللاجئين السوريين بعد الترحيل القسري.
سجل ACHR خلال الحملة الأمنية في نيسان/أبريل الماضي، ما لا يقل عن 82 حالة من اللاجئين المرحلين الذين سلمتهم الفرقة الرابعة ضمن الجيش السوري إلى مهربي البشر عبر الحدود، وذلك عبر نقطة معبر “وادي خالد” الحدودي شمالي لبنان، تم تسليم الضحايا لمهربي البشر بهدف استجرار مبالغ مادية من اللاجئين، وترك بعضهم الآخر ضمن الحدود السورية.
توجد عدة عوامل تعزز جرائم الاختطاف التي تحدث في لبنان بحق اللاجئين السوريين، بما في ذلك العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والسياسية. هذه العوامل تساهم في تعزيز الدوافع للجهة المختطفة لارتكاب جريمتها.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير لا يغطي كافة جوانب هذه القضية المعقدة، ولكنه يسلط الضوء على هذه القضية الهامة المتعلقة بحقوق الإنسان والانتهاكات الوحشية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في لبنان من قبل العصابات والمهربين وتجار البشر، كما يتضمن التقرير أيضًا توصيات تهدف إلى تعزيز الجهود العاجلة لوقف هذه الجرائم.
بالتالي، ينبغي على الحكومة اللبنانية تعزيز التحقيق والملاحقة الجنائية في حالات الاختطاف والاحتجاز غير القانوني للاجئين، وتقديم الدعم اللازم للضحايا والتأكد من إجراء محاكمات عادلة للجناة.