سوريا: 49 حالة تجنيد أطفال في مناطق الإدارة الذاتية خلال 2022
وقفت حركة “الشبيبة الثورية” وراء 45 حالة تجنيد لقاصرين وقاصرات دون تدخل جدي من قبل مؤسسات الإدارة الذاتية لمنعها
جهة النشر: Syrians for Truth and Justice\سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
تاريخ النشر: نيسان-2023
1. مقدمة:
ما تزال الحركة التي تطلق عل نفسها اسم “الشبيبة الثورية”، المرخصة لدى الإدارة الذاتية، والمعروفة باسم “جوانن شورشكر”، تقوم بعمليات تجنيد لأطفال قاصرين وقاصرات في مناطق شمال وشرقي سوريا. ولم تقم “الإدارة” أو أجهزة الأمن التابعة لها بمحاولة الحدّ من أعمال الحركة أو حظر نشاطها المكشوف، أو إغلاق مكاتبها ومقراتها المعروفة في مختلف مناطق نفوذها.
ورغم تعهد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية بوقف عمليات التجنيد وإعادة الأطفال المجندين إلى أهاليهم، لم يكن العمل على معالجة الانتهاكات التي تقوم بها حركة الشبيبة الثورية أو ملاحقة مرتكبيها جاداً. بل على عكس ذلك، فإن المؤسسات الأمنية التابعة للإدارة الذاتية دأبت على رفض تسجيل العديد من الشكاوى القادمة من ذوي الأطفال المجندين من قبل حركة الشبيبة الثورية.
يسلط هذا التقرير الموجز الضوء على طريقة جذب حركة الشبيبة الثورية للأطفال وتجنيدهم في صفوفها، وإخفائهم عن ذويهم، كما يتطرق لتقاعس أجهزة الأمن لدى الإدارة الذاتية عن تسجيل عدد من الشكاوى التي حاول الأهالي التقدم بها ضد هذه الحركة.
وتركز المعلومات الواردة في التقرير على عمليات تجنيد الأطفال التي تقوم بها حركة الشبيبة الثورية في منطقتي منبج و كوباني/عين العرب، حيث تمكنت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” من الوصول إلى خمسة شهود من ذوي أطفال جندتهم حركة “الشبيبة الثورية”.
والجدير بالذكر أن أعداد الأطفال المجندين لدى حركة الشبيبة الثورية في هاتين المنطقتين هو أكبر مما يعرضه هذا التقرير، لكن معظم الأهالي الذين جرى تجنيد أطفالهم امتنعوا عن توثيق شهاداتهم، وذلك خوفاً من رد حركة الشبيبة الثورية التي قامت سابقاً، وبشكل مباشر، بتهديدهم بطردهم من المنطقة في حال تحدثوا في الأمر.
تتحفظ “سوريون” عن ذكر الأسماء الصريحة للأطفال والشهود في هذا التقرير، وعليه، فكل الأسماء المذكورة هي أسماء مستعارة.
هذا وقد سبق أن نشرت “سوريون” عدة تقارير عن عمليات تجنيد الأطفال من قبل حركة الشبيبة الثورية في مناطق مختلفة من شمالي شرق سوريا خلال السنوات الفائتة، من بينها تقرير نُشر بتاريخ 26 تموز/يوليو 2022، حيث وثق الأخير تورط “الشبيبة الثورية” في 27 عملية تجنيد لقاصرين وقاصرات في مناطق الإدارة الذاتية، من أصل 29 حالة، في النصف الأول من العام 2022.
فيما وثقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وفي النصف الثاني من العام 2022 ما لا يقل عن 20 حالة تجنيد لقاصرين وقاصرات، وقفت حركة الشبيبة الثورية وراء 18 حالة على الأقل.
بالمجمل، استطاعت “سوريون” توثيق ما لا يقل عن 49 حالة تجنيد أطفال في مناطق الإدارة الذاتية خلال العام 2022.
2. طريقة تجنيد الأطفال القاصرين:
تشير المعلومات التي حصلت عليها “سوريون” أن حركة الشبيبة الثورية قامت بإغراء الأطفال بنشاطات وهمية بغاية استقطابهم إلى مكاتبها، لتخفيهم بعدها عن ذويهم، وتقوم بنقلهم لخارج المنطقة للخضوع لدورات عسكرية، بهدف تجندهم في صفوفها.
تبين من خلال الشهادات أن حركة الشبيبة الثورية في منبج -ومقرها عند الملعب البلدي- تتعمد نشر أخبار عن وجود نشاطات لديها تهم فئة الأطفال (بين 14-18 عاماً) كلعب كرة القدم أو تعلم التصوير. عندما يدخل الطفل إلى مقر المنظمة للاستفسار أو التسجيل، يختفي عن الأنظار ولا يعود لأسرته مجدداً.
2.1. بعض حالات تجنيد الأطفال:
كما ذكرنا سابقاً، حاولت “سوريون” مقابلة عدد من أهالي الأطفال المجندين قسراً، ولكن بسبب الخوف من انتقام حركة الشبيبة الثورية، تمكنت “سوريون” من التحدث إلى ذوي خمسة أطفال فقط.
2.2. تجنيد الطفل “طاهر”:
التقت “سوريون” بأحد أقرباء الطفل “طاهر” في مدينة منبج، وهو من مواليد العام 2007 وقد تم تجنيده في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
قال المصدر في شهادته ما يلي:
“كان طاهر يدرس المرحلة التحضيرية للتقديم على الشهادة الثانوية، وفي نفس الوقت يعمل في محل والده. كان يحب الكاميرات ويهوى التصوير، ويرغب في دخول مجال الإعلام. في أحد الأيام سمع أن حركة الشبيبة الثورية افتتحت دورة مجانية لتعليم التصوير، وفي أثناء عودته من العمل هو وصديقه، قال طاهر أنه سيدخل إلى مقر الحركة للتسجيل في الدورة.”
تابع المصدر:
“بعد مرور أكثر من ساعة على غياب طاهر، اتصل صديقه بذويه وأخبرهم بما حدث. ثم عندما راجع أهل طاهر مقر الحركة، أنكرت الأخيرة وجود الطفل هناك. ذهب عندها الأهل إلى مقر الأسايش لتقديم شكوى، لكنهم رفضوا تسجيلها. ذهبوا أيضاً إلى مقر حماية الطفل في منبج لكن ردهم كان: لن نتمكن من فعل شيء لكم فإن من تأخذه الشبيبة الثورية لا يعود.
وختم المصدر:
“طاهر مصاب بمرض مزمن، ولا يستطيع تحمّل التعب، وهذا أكثر ما يخيف أهله. نتمنى أن تعيد حركة الشبيبة الثورية الطفل لحضن عائلته”.
2.3. تجنيد الطفل “فادي”:
“فادي” أيضاً من مدينة منبج، ويصغر “طاهر” بعامٍ واحد (ولد في 2008). جرى تجنيد “فادي” بشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
قابلت “سوريون” أحد أقرباء الطفل، وقد قال في شهادته ما يلي:
“كان فادي يتردد على أصدقائه في مقر الشبيبة الثورية. وفي يوم اختفائه، أخبر فادي والدته بأنه ذاهب لزيارة صديقه، لكنه خرج ولم يعد. في محاولة منها للعثور عليه، توجهت العائلة إلى مقر الشبيبة الثورية. أنكر العاملون هناك معرفتهم بمكانه، إلا أنهم قاموا لاحقاً بعرض مقطع فيديو على الأهل يظهر فيه فادي كواحد من عناصر الشبيبة الثورية، مدعين أنه التحق بهم بإرادته.”
2.4. تجنيد الطفل “فريد”:
ينحدر “فريد” من مدينة منبج، وهو من مواليد عام 2007. جرى تجنيده من قبل حركة الشبيبة الثورية في شهر آب/أغسطس 2022. تحدثت “سوريون” مع أحد أقرباء الطفل، وقد قال أثناء المقابلة:
“خرج فريد ظهراً ولم يعد. بحثت عائلته عنه في المشافي، وعند الأسايش، ولدى أصدقائه وأقاربه، ولم تعثر عليه. ثم عرف أهله من أحد أصدقائه بأنه ذهب إلى مقر حركة الشبيبة الثورية للالتحاق بدورة في مجال الإعلام والتصوير. قامت العائلة بمراجعة مقر حركة الشبيبة الثورية، فادعت الأخيرة أن فريد غير موجود لديها. بعد يومين أقرت الشبيبة الثورية بأنها أخذت الطفل إلى دورة مغلقة وقالت أنه سيعود بعد شهر. لكن العائلة طالبت بإعادته فوراً لأنه قاصر، ولأنها خافت أن يكون مصيره الارسال إلى منطقة جبال قنديل”.
وأضاف المصدر:
“بعد أيام تجمع أبناء العشيرة التي تنحدر منها عائلة الطفل أمام مقر الشبيبة الثورية، وأغلقت الطرقات، وطلبت إعادة فريد فوراً، وتدخل قيادي في مجلس منبح العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية ويُعرف بأبو جوان، وجرت مفاوضات على أن يتم فض المظاهرة مقابل إعادة الطفل بعد خمسة أيام. لكن لم يعد فريد عند انتهاء المدة، بل تم تبليغ العائلة أنه في دورة في محافظة الحسكة وسيعود في أقرب فرصة. تعلم العائلة بأن الحركة غررت بفريد ليلتحق بصفوفها، وتطالب بشكل عاجل بتدخل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بالطفولة من أجل إعادة الطفل.”
2.5. تجنيد الطفل “محسن”:
ينحدر “محسن” من مدينة منبج، وهو من مواليد عام 2006. في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022 قامت حركة الشبيبة الثورية بتجنيده بعدما أغرته بالتسجيل في أكاديمية لكرة القدم. عن هذا قال أحد أقرباء الطفل لـ”سوريون”:
“كان محسن ورفاقه يشاهدون مباراة في ملعب قرب الحديقة العامة في مدينة منبج، وأثناء ذلك جاءت مجموعة من الشبان وتحدثت مع محسن حول وجود أكاديمية لكرة القدم وعرضت عليه الالتحاق بها. أخبر محسن أصدقاءه بأنه ذاهب مع الشبان إلى مقر حركة الشبيبة الثورية للتسجيل في الأكاديمية، ولم يعد الطفل من حينها. انتظره أصدقاؤه مدة من الزمن وحين لم يظهر اتصلوا بأهله”.
وتابع المصدر:
“ذهب أهل محسن للسؤال عنه في مقر الشبيبة الثورية، لكن الاخيرة أنكرت وجوده لديها. هرع الأهل إلى مقر الأسايش من أجل تقديم شكوى بما حدث، لكنهم لم يوافقوا على تسجيل الشكوى ضد الحركة. حاول أهله كثيراً إيجاده، وتحدثوا مع عدة مسؤولين في الإدارة الذاتية، لكن لم يساعدهم أحد في العثور على ابنهم”.
2.6. تجنيد الطفل “فواز”:
قامت حركة الشبيبة الثورية بتجنيد الطفل “فواز”، وهو من سكان مدينة عين العرب/كوباني، مواليد عام 2005، ونقلته إلى جبال قنديل في العراق بشهر حزيران/يوليو 2022. تحدثت “سوريون” مع أحد أقرباء الطفل حول تجنيده، وقال:
“في ذلك اليوم ذهب فواز للعب كرة القدم مع أصدقائه كما جرت العادة لكنه لم يرجع إلى المنزل. بحثت عائلته عنه في المكان الذي اعتاد اللعب فيه، وقابلت أصدقاءه الذين قالوا أن سيارة سوداء تحمل شعار حركة الشبيبة الثورية جاءت وأخذته. عندما قامت العائلة بمراجعة مقر الشبيبة الثورية في عين العرب/كوباني أنكر العاملون هناك وجوده لديهم. بعد عدة أيام علمت العائلة أنه ابنها نُقل إلى جبال قنديل ليخضع لدورة عسكرية، ولا تعلم العائلة ما إذا كانت سترى ابنها مجدداً”.
3. توصيات:
يجب على سلطات الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية/قسد:
- إظهار الالتزام الكامل والشفاف بالاتفاقيات المُوقعة لمنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في العمليات العسكرية، سواءً تلك التي تمّت مع منظمة “نداء جنيف” في شهر تموز/يوليو من عام 2014، أو مع الأمم المتحدة، أواخر حزيران/يونيو 2019.
- التسريح الفوري للأطفال المجندين ولمّ شملهم مع أسرهم، أو نقلهم إلى السلطات المدنية التي عليها حمايتهم في الحالات التي يكونون فيها عرضة للعنف المنزلي، إذا أُعيدوا إلى أسرهم.
- مراقبة تفعيل وعمل مكاتب “حماية الطفل في النزاعات المسلحة” لتلقي الشكاوى المتعلقة بتجنيد الأطفال، واتخاذ أقسى التدابير العقابية ضد القادة الذين لا يمتثلون للحظر المفروض على تجنيد الأطفال، بما في ذلك “حركة الشبيبة الثورية” و”اتحاد “المرأة الشابة”.
- حلّ التجمّعات والهيئات التي تقوم بعمليات التجنيد وعلى رأسها “حركة الشبيبة الثورية” و”اتحاد المرأة الشابة”، ومحاسبة جميع الجهات المتورطة (أفراداً وجهات).
أضف تعليق