محددات المشاركة السياسية للشباب السوري
جهة النشر: The Day After TDA اليوم التالي
على مدى عقود الحكم العائلي (الأسد الأب ثم وريثه الابن)، اتسم العمل السياسي في سوريا بشقين، الأول هو ما أطلق عليه حزب البعث (الجبهة الوطنية التقدمية)، وهي هيئة تضم الأحزاب المسوح لها بالعمل السياسي، وأحزاب خارج سلطة حزب البعث، وتميز التعامل معها بملاحقة جميع المنتمين لها بتياراتها كافة، إسلامية أو يسارية أو قومية.
عمل النظام على تدجين أية مبادرة أهلية شبابية أو عمالية أو طلابية أو نسائية أو نقابية، ليبرمجها داخل منظومته العقائدية، بعيداً عن الاجتهاد الفكري والنقاشات السياسية والمواقف المغايرة لمصلحة رأس النظام وحاشيته الأمنية.
ومع بداية الحراك الثوري في سورية عام 2011 اقتصرت الأشكال التنظيمية، على تأسيس تنسيقيات محلية قوامها الأساسي من الشباب، اعتبرها البعض نواة للممارسة السياسية، كونها اشتملت على بعد تنظيمي وهيكلية وأدوار مختلفة لأعضائها. وبسبب ذلك عرف السوريون “الذين شاركوا في الحراك من الأجيال الجديدة” للمرة الأولى معنى السياسة والحياة السياسية والانتماء والتنظيم، وبالتالي المشاركة السياسية.
ومع تسارع الأحداث وتزايد منسوب العنف من قبل آلات النظام العسكرية والأمنية والميليشيات التابعة له “محليا وإقليميا”؛ تحول الحراك إلى صراع مسلح قبل أن تتدخل الأطراف الإقليمية والدولية فيما بات يطلق عليه “النزاع السوري”. ومنذ تلك المرحلة، شهدت سوريا بروز العديد من التيارات السياسية لم يكتب لها الاستمرار، وتراجعت أحزاب المعارضة التقليدية إلى مراتب متأخرة في المشهد السياسي السوري، إذ بقيت تعيد إنتاج خطابها وابتعدت كثيرا عن طموحات السوريين وخاصة الجيل الجديد من الشباب.
لقد كانت الفرصة مناسبة لإعادة “البعد السياسي” إلى تفاصيل الحياة السورية في حال نجح الحراك في تحقيق مطالبه. لكن ما حدث بعد ذلك من تجاذبات محلية وإقليمية، أدخل سوريا والسوريون/ات في حالة معقدة من الإرباك وتضارب المصالح بين التيارات السياسية والعسكرية المتصارعة على الأرض السورية.
تسعى هذه الدراسة للكشف عما أورثته الأحداث التي جرت في سوريا في الاتجاهات السياسية العامة للشباب السوري سواء سلبا أم إيجابا، ومعرفة واقهم الحقيقي في المشاركة السياسية في الحياة السورية وتطلعاتهم المستقبلية.
وتحاول استطلاع موقف الشباب السوري من المشهد السياسي السوري الحالي وتطلعاتهم لأنماط وشكل الحياة السياسية في سوريا المستقبل، إضافة لرصد واقع المشاركة السياسية الحالية للشباب السوري، ومحددات المشاركة السياسية للشباب في سوريا المستقبل.
اعتمدت الدراسة طريقة المسح الاجتماعي بالعينة عبر استخدام الاستبانة في إطار المنهج الوصفي التحليلي للإحاطة بموضوع الدراسة من مختلف جوانبه، وبلغ العدد الكلي لعينة الدراسة 3000 فردا، في سبع مناطق أساسية: مناطق الحكومة السورية المؤقتة، مناطق قوات سوريا الديمقراطية شمال شرق سورية “قسد” ، مناطق الحكومة السورية، مناطق حكومة الإنقاذ في إدلب وريفها، دول الجوار العربي، تركيا، أوروبا.
أضف تعليق