يرصد هذا التحقيق أبرز التعقيدات التي ترافق دفن اللاجئين السوريين في دول الجوار، بدايةً من تعثّر الحصول على قبر لاستقبال الرفات، مروراً باستحالة إعادة الرفات إلى سوريا، وليس نهايةً بظروف الدفن غير الطبيعية، في غياب أفراد من الأسرة أو بعيداً منهم، أو في مقابر “طوارئ” مشيّدة على وجه الأرض، أو في مقابر على سفوح الجبال أو ضمن أراضٍ طينية.
“سافر من أجلِ العلاج لكنه تُوفّي وحرمنا من زيارة قبره”، بهذه الكلمات لخصت الشابّة السورية ياسمين عويرة (26 سنة) التي تعيش في العاصمة التركية أنقرة، ما حدث مع والدها، الذي ذهب في نهاية عام 2011 إلى سنغافورة برفقة ابنه للعلاج من مرض السرطان وتوفي هناك، ما أجبر عائلته على دفن الرفات في تلك الأرض البعيدة، بسبب مصاعب جمّة يواجهها السوريون بعد اندلاع النزاع في بلادهم، في دفن المتوفّين خارج أرضهم.
والد ياسمين، كان يعمل مقاولاً في الكويت منذ عام 1976، بعد إصابته بالسرطان، نصحه أطبّاء بالعلاج في سنغافورة، بسبب وجود طبيبٍ هناك سبق أن عالج حالات مشابهة ونجح في منحها أملاً في الحياة، استخرج الرجل كل التأشيرات والأوراق والتقارير الطبية اللازمة وغادر من الكويت إلى سنغافورة، إلا أن الطبيب لم يستطع إنقاذه.
وبينما كانت عائلة ياسمين التي كانت تعيش في الكويت تنتظر عودة الوالد من رحلة علاجه فوجئوا بخبر الوفاة، وتفاقمت المأساة حين علموا بأنهم لن يتمكنوا من إعادة الجثة إلى الكويت مكان إقامته، لدفنه، لأن قانون البلاد لا يسمح بجلب رفات شخصٍ من الخارج، بحسب وزارة الخارجية الكويتية.
أما فكرة نقل جثمانه إلى سوريا فكانت غير مطروحةٍ، فبحسب موقع الخارجية السورية يجب أن يرافق الجثمان شخص من أسرته. تقول ياسمين: “لم يكن مع والدي إلا أخي الكبير وبالتأكيد كنا نخشى من اعتقاله”.
وتضيف: “المشكلة الأكبر أن مكان قبره غالباً ما تغير كلياً، فالقانون في سنغافورة ينص على إعادة الدفن في القبور المستخدمة كل عشر سنوات بحسب ما علمت، بعد نقل رفات من كان في القبر إلى مكان آخر. ومن يريد الحفاظ على قبر شخص ما، فعليه دفع ثمنه لتملكه”.
معاناة ما بعد الوفاة
خلال ستة أشهر من العمل، رصد معد التحقيق قصص ستة لاجئين سوريين في لبنان وتركيا واجهوا تعقيدات مضاعفة خلال عملية دفن ذويهم بالمقارنة بأشخاص من جنسيات ثانية أو أبناء البلد الأصليين.
أبرز هذه التعقيدات، الدفن في ظروف غير طبيعية، إمّا في غياب بقية أفراد الأسرة أو بعيداً منهم، أو في مقابر “طوارئ” مشيّدة على وجه الأرض، أو في مقابر على سفوح الجبال أو ضمن أراضٍ طينية.
يأتي ذلك في وقتٍ تتعقّد فيه عملية إعادة الرفات إلى سوريا بسبب طلب ترسانة من الأوراق الروتينية صعبة التحصيل من القنصليات، إضافةً إلى طلب عودة مرافق لعملية الدفن، وهو ما يخشاه معظم اللاجئين، خوفاً من الملاحقة الأمنية أو السوق إلى الخدمة الإلزامية على الخطوط الأولى في الحرب السورية.
لم تكن خلود (اسم مستعار) تعلم أن رحلة أخيها أحمد إلى مستشفى في مدينة أنطاكيا جنوب تركيا، لمراجعة الطبيب وتصوير مكان إصابته التي تعرض لها بوقتٍ سابق في سوريا، ستكون رحلته الأخيرة في هذا العالم.
كان أحمد (29 سنة) أُصيب في الحرب السورية، ومن هناك نُقل للعلاج في تركيا، وبعد الخروج أقام عند شقيقته في مرسين، بينما كان يستكمل علاجه في أنطاكيا، في آخر رحلةٍ له لاستكمال العلاج، فقدت خلود الاتصال به، ليتبيّن أنّه توفي في المستشفى.
مقابر محددة لدفن اللاجئين
وصلت خلود لاستلام الجثّة ولم يكن أمامها سوى ساعة واحدة لاستلامها، لذلك تعذّر النقل إلى سوريا، فما كان منها إلى أن نقلت الرفات للدفن في بلدة ييلاداغ، التي تبعد 60 كيلومتراً غرب مدينة أنطاكيا، وهي البلدة التي كان يسمح للسوريين بالدفن فيها في ذلك الوقت عام 2015.
وهذا ما تغير لاحقاً بعد وصول حزب CHP المعارض لرئاسة البلدية في ولاية هاتاي عقب إنتخابات البلديات عام 2018. فقد أصدرت إدارة البلدية الجديدة بداية عام 2021 قراراً يمنع دفن السوريين في مقبرة بلدة ييلاداغ، بحجة عدم وجود أماكن فيها وزيادة عدد الوفيات بسبب وباء “كورونا”.
في حديثه لمعد التحقيق يقول شادي سقلي، وهو تركماني سوري مقيم في ييلاداغ: “توفيت خالتي 68 عام في مستشفى أنطاكيا في فبراير/شباط 2021 بعد قرار البلدة بمنع الدفن حينها، لم نكن نعلم بالقرار، توجهنا إلى المقبرة، لم يسمح لنا بدفنها، أخبرنا حارس المقبرة وإمام مسجدها الذي يشرف على الدفن إنه من غير المسموح دفن عمته في تلك المقبرة، وأبلغنا أنّه إذا كنتم تريدون دفنها حقاً يجب عليكم التوجه إلى الريحانية”.
وتابع: “كانت حادثة دفن خالتي هي الحالة الأخيرة التي يتم نقلها من ييلاداغ إلى الريحانية بعد فشل محاولتنا دفنها في ييلاداغ وتواصلنا مع جميع الجهات التي يمكنها حل المشكلة، لاحقاً تدخل والي هاتاي وتم إلغاء القرار بعد فترة من إصداره، أجبر خلال تلك الفترة ما لا يقل عن عشر عائلات على نقل جثامين أقارب لهم إلى مدينة الريحانية ودفنهم هناك وذلك خلال نحو أسبوع”.
اليوم فقط من يعيش في بلدة يايلاداغ يسمح له بالدفن فيها، أما من يسكن خارج البلدة فيدفن في المقبرة المخصصة للسوريين في مدينة الريحانية.
زيارة القبر تحدي لا ينتهي
بالنسبة إلى خلود، لم تنتهِ حكايتها عند حصولها على قبر لدفن أخيها. بعد ذلك أصبحت رحلتها السنوية لزيارة قبره، بمثابة تحدٍّ تعيشه كل عام. تبدأ بالتجهيز له قبل شهر وربما أكثر كما تشرح قائلةً: “دفنت أخي دون وجود أحد من أهلي المقيمين في محافظة اللاذقية في سوريا، وحتّى اليوم لم يستطيعوا زيارة قبره، كل عام قبل العيد أقوم بزيارته، وأتصل بأهلي عبر الفيديو ليشاهدوا قبره، في هذا العام حاولت الحصول على إذن سفر ( وهو يسمح للتنقل بين الولايات التركية بإذن رسمي) من مرسين لهاتاي لزيارة قبره كما العادة لكن تم رفضه أكثر من عشر مرات.
تكمل خلود: ” قررت السفر من مرسين لهاتاي بسيارة زوجي مع عائلتي، بشكل غير شرعي دون الحصول على إذن للسفر، وصلنا إلى هناك دون أي مشاكل، ولكن في طريق عودة زوجي أوقفته الشرطة وخالفته مبلغ خمسة آلاف ليرة تركي ما يعادل 420 دولاراً (بحسب سعر الصرف حينها)، بسبب تنقله بين الولايات من دون إذن رسمي، مستخدماً سيارته الخاصة.
في لبنان معاناة مضاعفة
على غرار ما يحصل في تركيا، يواجه اللاجئون السوريون في لبنان مشكلات أكبر في عمليات الدفن، فخبر وفاة لاجئ سوري في لبنان يعني مأساةً لا علاقة لها بالوفاة ذاتها، بل بما بعد الوفاة، إذ أن رحلة البحث عن القبر وتكاليفه ومناورة قرارات البلديات هي مسؤولية ذوي اللاجئ المتوفّي وحدهم.
المعلومات التي توصّل إليها هذا التحقيق أفادت بأنّ أول خطوة يجب القيام بها عند وقوع وفاة سوري في لبنان، هي التحقّق ممّا إذا كانت البلدية تسمح بالدفن أم لا، والبحث عن تلك التي تسمح بذلك، وأبرزها مقابر مجدل عنجر والرحمة والجراحية والفاعور، أما المقابر التي تمنع دفن اللاجئين فتمثّل الأغلبية، فمعظم مقابر العاصمة بيروت تمنع دفن اللاجئين أو تطلب مبالغ كبيرة مقابل السماح بدفن جثة.
كانت لافتة “يمنع دفن أي شخص سوري منعاً باتاً تحت طائل المسؤولية”، المعلقة على سور إحدى مقابر لبنان كافية لمعرفة الوضع الذي وصلت له المصاعب التي تواجه لاجئاً سورياً في حال فكر في دفن قريب له.
بينما ترفض بلديات ومجتمعات محلية في لبنان دفن اللاجئين السوريين في مقابر تابعة لها، ظهرت حوادث مأساوية في هذا الصدد، كان أبرزها حادثة نبش قبر طفل سوري لاجئ في قرية عاصون اللبنانية، بحجة أن المقبرة تخص اللبنانيين فقط عام 2019، والتي أدّت إلى ردود فعل مختلفة، كان أبرزها وهب بعض الأهالي أراضي لهم، وتحويلها إلى مقابر للسوريين لدفن ذويهم بها.
يقول سهيل (لم يكشف عن اسمه الكامل) وهو لاجئ سوري في لبنان، ويعمل مسوؤلاً عن مقبرة مخصصة لدفن السوريين في قرية مجدل عنجر في سهل البقاع: “اشترت إحدى المنظّمات قسماً من جبل سهل المجدل وحوّلته إلى مقبرة للسوريين، وبالفعل تم تشييد المقبرة عام 2017، كان الدفن في بداية الأمر يتم بشكل عشوائي من دون مقابل، لاحقاً أصبح الدفن مقابل مبلغ تحدده البلدية، المقبرة الآن شبه ممتلئة”.
بحسب منشور لرئيس البلدية سعيد الياسين، فإن المقبرة استقبلت في بداية الأمر وفيات من مدنٍ أخرى تحت الاضطرار، ولكنّها عادت لتستقبل موتى السوريين من مجدل عنجر فقط، على ما يشرح سهيل.
مقابر فوق الأرض
يضيف سهيل، أن المقبرة المخصصة للسوريين لا يتم حفر قبورها، لأن الأرض صخرية وعوضاً عن ذلك يتم تشييد القبور على سطح الأرض باستخدام الحجارة، ثم يتم وضع الجثمان داخلها، وردّ التراب فوقها، لكن عملية الدفن هذه وإن كانت أسهل، إلّا أنّها تؤدّي لخروج بعض الروائح من المقبرة برغم إغلاق القبور بالتراب.
حصل معد التحقيق على بعض الصور لهذه المقبرة، والتي أظهرت الدفن على سفح الجبل دون إحداث حفر في عمق الأرض، بل يتم الدفن على وجه الأرض كما في حالات الحرب والحالات الطارئة.
يقول رئيس تحرير مجلة أخبار البيئة الصحافي زاهر هاشم: “عند تحلل الجثث تتفكك المواد العضوية فيها وتتحلل بمساعدة البكتريا والفطريات والطفيليات الموجودة في التربة، وتحولها إلى أشكال أخرى من المعادن والغازات مثل النترات وغاز الميثان وغاز ثاني أكسيد الكربون، وهي مواد تذوب مع التربة وتغذيها وتستفيد منها النباتات.
يمكن أن تشكل هذه المواد الناتجة عن تحلل الجثث خطراً على البيئة والسكان في حال وصولها إلى المياه الجوفية، وفي حال كانت القبور غير معدة أو مغلقة بشكل صحيح قد تؤدي الأمطار الغزيرة إلى تجريفها بعيداً لتصل إلى المياه الجوفية في أماكن أخرى.
وتنص التوصيات الصادرة عن منظمة “اسفير” العاملة في مجال الخدمات الإنسانية، أن تكون المقابر على بعد 30 متراً على الأقل من مصادر المياه الجوفية المستخدمة في مياه الشرب، وأن يكون الجزء السفلي من أي قبر أعلى بمسافة 1.5 متر على الأقل من منسوب المياه الجوفية.
عرض معد التحقيق الصور التي حصل عليها من مقبرة سهل المجدل الجبلية، على حفّار القبور علي السيد هيثم خالد عابدين، لمعرفة مدى نجاعتها، فكانت الإجابة أن “طريقة الدفنة مقبولة وشرعية بالحد الأدنى، وتم استخدامها مرات عدة خلال الحرب في سوريا، وتحديداً في مدينة معرّة النعمان في إدلب خلال وقوع المجازر وتكدّس الجثث، حيث يكون من الصعب الحفر للجميع.
وأوضح أن الصور أظهرت أن مقبرة سهل المجدل صخرية كونها على سفح جبلي، لذلك فهي غير قابلة للحفر، لكن في لبنان الحل البديل موجود، إذ يمكن استبدال مكان المقبرة ونقلها إلى أرض قابلة للحفر.
الدفن وسط المستنقعات
في مدينة الريحانية جنوب تركيا خصصت البلدية في عام 2015 مكاناً لدفن اللاجئين السوريين أُطلق عليه لاحقاً “مقبرة السوريين”، التحدي الأكبر الذي كان يوجه ذوي المتوفي هو نقل الجثة للقبر، حيث تتحول أرض المقبرة شتاءً لمستنقع من المياه يحتاج في بعض الأحيان إلى السباحة للعبور منه، ما يجبر الناس على نقل الجثة بطريقة غير آدمية، مستخدمين الجرارات “التركسات” في بعض الحالات للوصول للقبر.
حصل معد التحقيق على بعض الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر حال المقبرة شتاء، حيث تشير الصور إلى عورة الأرض وتحوّلها إلى أحواض من المستنقعات بين القبور، ما يجعل الدفن شبه مستحيل.
يتراوح عدد المتوفين الذين دُفنوا في مقبرة الريحانية بين 4000 و5000 شخص، غير أنّه بسبب طبيعة الأراضي الطينية ووعورتها، باتت عمليات الدفن وزيارة القبور، شبه مستحيلة، سواء صيفاً أو شتاء، بسبب تراكم المستنقعات الطينية طيلة العام.
جثث تلفظها الشواطئ بين تركيا واليونان
تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقرير لها عدد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم أو فقدوا في البحر المتوسط فقط من عام 2014 إلى عام 2021 بـ24443 شخصاً، أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
في تقرير آخر تذكر المفوضية أنه خلال ثلاثة أيامٍ فقط من 21 إلى 24 من كانون الأول/ ديسمبر 2021، فَقد ما لا يقل عن 31 شخصاً حياتهم، في حوادث غرق منفصلة لثلاثة قوارب في بحر إيجة أثناء محاولتهم العبور من تركيا باتجاه أوروبا، كما لا تزال حصيلة المفقودين غير معروفة.
عمليات الغرق هذه تؤدّي إلى تبعثر جثث الغارقين بين تركيا واليونان، فحيثما يجرف البحر تلك الجثّة تكون الدولة هي المسؤولة عن التعامل مع الرفات، الأمواج تحدّد كل شيء.
في تركيا، علم معد التحقيق أن السلطات تحتفظ بجثث اللاجئين الذين فقدوا حياتهم خلال محاولتهم العبور إلى أوروبا في المشرحة لمدة 15 يوماً، بعد تشريح الجثة. وفي حال لم يستلم أحد الأقارب الجثة، خلال تلك الفترة، تدفن الجثث في القسم 412 من مقبرة “دوغانشاي” في مدينة أزمير، بعد أخذ عينات الحمض النووي منها، هذا القسم الذي خصصته البلدية لدفن الجثث مجهولة الهوية.
زار معد التحقيق القسم المخصّص لمجهولي الهوية في هذه المقبرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، المكان لا يفرّق بين قبر وآخر، جميع القبور دون أي معالم أو أسماء أو معلومات، باستثناء “رقم” ليحدّد هذه الجثّة، ما يميزهم عن بعضهم هي الأرقام المكتوبة على الشواهد من طرف الرأس. في المقابل تحاول بلدية أزمير ترك فرصة أخيرة لمعرفة ذوي الضحايا ومساعدتهم للوصول إلى قبور أقاربهم، من خلال احتفاظ معهد الطب الشرعي في المدينة بعينات من الحمض النووي لكل وفية وتسجيلها، بحيث بإمكان أقاربهم في وقت لاحق العثور عليهم، كما صرح مسؤول مقبرة “دوغانشاي” في بلدية إزمير.
على الضفاف الأخرى في اليونان، يتم دفن السوريين الذين تصل جثثهم إلى هناك خلال رحلتهم في البحر، في مقابر الجزر اليونانية من دون أسماء لمجهولي الهوية. ومن يعرف اسمه يكتب على قبره وفي السجلات، وبالنسبة إلى من يبحث عن معلومة للأشخاص الذين يفقدون بين تركيا واليونان، فهي كمن يبحث عن “إبرة في كومة قش”، بحسب عابد حوارية الذي فقد صديقه بين تركيا واليونان.
يقول حورية: “توجه صديقي في رحلة الحلم للوصول إلى أوروبا من طريق اليونان سالكاً الطريق البري وبعدما خرج من مدينة ادرنة التركية القريبة من الحدود اليونانية وبعد نحو أسبوعين من انقطاع أخباره والبحث عنه تواصل معنا صحافي يوناني، وأرسل لنا صوراً لجثة صديقي، وقال إنها موجودة في أحد المستشفيات”.
بسبب استحالة وصول أي من أفراد عائلته إلى اليونان لاستلام الجثة، كان الحل الوحيد أن يسافر صديق للعائلة من ألمانيا إلى اليونان لتسلم الجثة أو ما تبقّى منها بعد التشريح ودفنها في اليونان دون أي مراسم أو وجود لأي من أفراد أسرة المتوفّي، ثم عاد أدراجه إلى ألمانيا.
ماذا عن نقل الجثث إلى سوريا؟
ثمّة خياران في ما يخص إعادة الرفات إلى سوريا، إلى مناطق المعارضة ومناطق النظام السوري.
الإعادة إلى مناطق المعارضة تنطبق على المتوفّين السوريين في تركيا، حيث يتم إعادة الرفاة عبر الحدود البرّية مباشرةً رغم أنّها عملية معقّدة، بحسب جاهد طحان وهو لاجئ سوري في الريحانية التركية، ونقل جثة والدته من هاتاي إلى إدلب عبر معبر باب الهوى الحدودي.
يقول جاهد توفيت والدتي في يوليو/ تموز 2022 في مستشفى الدولة في مدينة انطاكيا نتيجة نوبة قلبية، اخبرت المستشفى أننا نريد نقل الجثة إلى سوريا، صباح اليوم التالي بعد معاينة الجثة من قبل الطبيب، تسلمت عدة نسخ من شهادة الوفاة سلمت واحدة منها لسائق سيارة نقل الموتى، وتوجهنا إلى معبر باب الهوى هناك قام السائق بكامل إجراءات النقل.
يتم اخبار الجانب السوري بوجود جنازة، بدوره يرسل الجانب السوري سيارة لاستلام الرفاة ونقلها وكل التكاليف تكون على حساب البلدية بحسب ما ذكر جاهد، وفي سوريا يتم تسجيل حالة الوفاة وتسليم الرفاة لأقاربها بعد ذلك.
ويسمح لشخص واحد فقط بمرافقة الرفاة إلى سوريا، على أن يكون قريباً من الدرجة الأولى، ويقدم طلب لمكتب والي المعبر، مدة الأذن المسموح به تكون بين ثلاث أيام إلى عشرة أيام كحد أقصى.
أما في ما يخص النقل إلى مناطق النظام السوري، فالمسألة أكثر تعقيداً، وتتطلّب ترسانة من الموافقات والأوراق باهظة الثمن ولا يمكن الحصول عليها بسرعة لإتمام إجراءات الدفن.
تطلب الخارجية السورية عبر موقعها الرسمي، إجراءات للسماح لذوي المتوفي في الخارج بنقل جثمانه إلى سوريا ودفنه هناك، لكن بعض هذه الشروط يستحيل تحقيقها على اللاجئين السوريين الذين غادروا البلاد بطرق غير رسمية، لأن الخارجية تطلب وجود مرافق للجثمان للسماح بنقله إلى سوريا وهو ما يعرّض المرافق لتهديدات أمنية في طريق العودة إلى سوريا.
لقرءاة التحقيق كاملاً:
Add Comment