بقلم: زهر غانم
الناشر: منصة صدى الجنوب السوري
يتمكن عقل الطفل من الدخول إلى عوالم لا متناهية بعيدة عن نمطيّة تصورات الكبار، لهذا تكون رؤيتهم غير واضحة ومشوّشة بالنسبة لنا، فالأطفال يترجمون إدراكهم برموز جسدية يرفضها المجتمع ويجعلها بين قوسي ال (عيب). فما بالنا بأطفال التحديات الخاصة وبالأخص من يعانون من مشاكل إدراكية؟
يُستخدم مصطلح ذوي التحديات الخاصة لكل شخص مصاب بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم أو لفترة طويلة من العمر في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية إلى المدى الذي يقلل من إمكانية تلبية متطلباته العادية في ظروف أمثاله العاديين.
ولا يختلف النمو الجنسي لدى أطفال التحديات الخاصة عن الأطفال العاديين، فهم أشخاص طبيعيون في التكوين الجسماني، الذي يبدأ غالباً في المرحلة العمرية بين 10-14 سنة، مع ملاحظة تأخر في نمو الهيكل العظمي لهؤلاء الأطفال، والفارق الواضح بين الأطفال العاديين وأطفال التحديات الخاصة هو ميل الطفل العادي إلى التخفي عند التعبير عن احتياجاته الجنسية عندما تبدأ الغرائز بالخروج إلى السطح، أما طفل التحديات الخاصة ممن يعاني من مشاكل إدراكية، فتسيطر عليه الفطرية والشفافية بحركات تظهر للعموم لافتة للنظر.
إنّ المرحلة ما بين 10 و14 تنطوي على تغيير جذري شامل في مواصفات الجسد بشكل عام، كطول القامة، والتغيير في نبرة الصوت، وظهور أشعار الجسم بالنسبة للذكور، ونمو الثديين وحدوث الطمث بالنسبة للفتيات، ولكن هذا التغيير عند أطفال التحديات الخاصة يؤدي إلى حالة من التوتر والحيرة والخوف، وعدم الاتزان واضطراب الحركة، فهم روتينيون لا يبدون تقبُّل لأي جديد، حيث يقابلون هذا التغيير باستجابات انفعالية يحاولون من خلالها فهم ما يحدث.
أهم المظاهر التي ترافق هذه المرحلة عند هؤلاء الأطفال
_اكتشاف الأعضاء التناسلية بطريقة أعمق مما كانت عليه في الطفولة، والاستهداء إلى اللذة ولكن بشكل نمطي غير مطوّر.
_نشأة الاستقلالية غير الموجهة التي تحتاج إلى مراقبة ومساعدة طوال الوقت.
_العنف تجاه الأوامر المطروحة من قبل المسؤولين عنهم.
_التعري أمام الناس بسبب الإفراط في الحساسية اللمسية.
_التطاول على الآخرين والارتباط الوثيق بالذات.
_الاستنماء القهري العلني، أو الرغبة في الاقتراب من الجنس الآخر دون وجود حالة علائقية، بسبب النقص في الإحساس وعدم القدرة على إنشاء علاقات مكتملة.
فيصبح النشاط الجنسي مركز اهتمامهم، يصل أحياناً إلى مرحلة الوسواس القهري، وقد يتجه اهتمامهم نحو أشياء خارجية غريبة مثل (الألعاب، غطاء ما، ملابس معينة …) أو بعض الصفات الحسية الخاصة مثل (نوع عطر معين، ذقن رجل، شعر امرأة ….) وتدخل هذه الحركات ضمن إطار النمطية، فيمكن لهم أن يلمسوا أعضاءهم بطريقة معينة مائة مرة في اليوم دون التطوير أو التحديث، فهم لا يكفّون عن التكرار ولا يتأثرون بالمثيرات الخارجية مهما كانت، ويمكن أن يصلوا إلى القذف الذي يجهلون ماهيته، أو بلوغ النشوة، ويستشيطون غضباً على هذا التغيير الغريب، وقد يُصاب بعضهم بنوبات حادة من الغضب قد تصل إلى الصرع أحياناً، ويجدر الذكر أنّ عملية الحيض لدى الفتيات تبدأ أيضاً في نفس الوقت الزمني لدى الفتيات العاديات بدون إدراك كامل لما يحصل، فقد لا تخبر والدتها، وقد تسيء التصرف في موعد الحيض ولا تعرف طريقة للتصرف حيال ما يحدث.
غالباً ما يتطلّع المجتمع بشكل عام والأهالي بشكل خاص، لحدوث البلوغ والنمو الجنسي لدى الأفراد الذين يعانون من تحديات خاصة بعين سوداء، يطغى عليها الحرج وعدم التقبّل والشعور بخدش الحياء، يأتي هذا نتيجة الجهل الطاغي على فهم ماهية حياة هؤلاء الأطفال، وفقر البحث عن سمات اختلافهم، حيث تكون شكوى الأهل كمن يشتكي من حدوث كارثة، إضافة لعدم معرفتهم بالنقاط الاساسية للمساواة بينهم وبين الأطفال الطبيعيين
نقاط المساواة مع الأطفال الطبيعيين
- الحق في الحصول على تدريب في السلوك الاجتماعي الجنسي ، ليتم فتح منافذ للتواصل الاجتماعي مع الأفراد في المجتمع
- الحق في الحصول على المعارف الخاصة بالجنس والتي يمكنه إدراكها.
- الحق في التمتع بأن يُحب وأن يُحب من الجنس الآخر.
- الحق في إتاحة فرص بالتعبير عن الدافعية الجنسية بنفس الشكل الذي يتم بها القبول من الناحية الاجتماعية من الآخر.
- الحق في خدمات ضبط النسل والتي تقابل احتياجاتهم.
- الحق في الزواج ( وتتبع لحالة الاضطراب ودرجتها ومدى الاستجابة عبر التأهيل والتدريب)
- الحق في أن يكون لهم صوت في الإنجاب.
كيفية التعامل مع المراهق/ة من ذوي التحديات الخاصة
للوصول إلى حلول تطمئن الأهل وتخفف هذه النظرة الكارثية للمحيط، وتُدخل هؤلاء الأطفال حيّز الأمان، لابد من وجود عصف للوعي الجمعي، والتوعية على كيفية التعامل مع المراهق من ذوي التحديات الخاصة التي تتلخص بعدة نقاط أهمها:
- تدريب الطفل الدخول إلى المرحاض، و كيفية استخدام الماء للتنظيف، ورفع الثياب بعد الانتهاء، على أن يتدرب على الحفاظ على خصوصيته، فلا يُدخل معه أحد وأن يُبقي الباب مغلق.
- ارتداء الملابس لوحده في غرفة مستقلة، وتدريبه على التعامل مع السحابات والأزرار.
- تدريبه على استخدام الصابون والعطور.
- تدريب الفتاة على التعامل مع جسدها أثناء الحيض، وكيفية التنظيف واستخدام الفوط الصحية.
- رفع الحالة المعنوية للأهل من خلال زيارات التوعية بالحالات الخاصة وتقبلها.
- شرح الحالة للناس من أجل تفهمها.
- تهيئة الأطفال قبل الدخول لهذه المرحلة عن طريق التدريب المستمر على الاستقلالية والعمل على الدمج الاجتماعي الصحيح.
- مرافقة الاخصائيين للأهل عند اصطحاب أطفالهم للخارج، مثل الحلاق، السوبر ماركت، الطبيب، حديقة الألعاب وغيرها للتعريف بالطرق الصحيحة للتعامل معهم.
- شغل الطفل بأشغال يدوية ورياضات تعمل على تفريغ الطاقات مثل السباحة وغيرها.
- تعزيز الطفل ودعمه ومكافأته عند كل عمل جيد.
- عدم الإقصاء والابتعاد عن ردات الفعل العنيفة عند لمس الطفل لأعضائه الجنسية واحترام جسد الطفل.
- العمل على الجانب النفسي للأهل ورفع تقدير الذات لدى الأطفال.
حذر من الأدوية !!
لجأ بعض الأهل لإعطاء الأطفال في هذه المرحلة أدوية لتثبيط النشاط الجنسي، هنا يجب الحذر الشديد، فإذا كان الفحص الطبي يوضح أنه ليس هناك معاناة أو حساسية فإنه عندئذ يجب إخضاع الطفل لبرنامج لتعديل السلوك، وإذا كان السلوك يُمثل مشكلة حادة، فإنّ الأمر قد يستدعي تدخل أخصائي نفسي لاستخدام برنامج تعديل السلوك، والبرنامج الذي يُستخدم لا يقوم على إيقاف الاستمناء، ولكن لتعليم الفرد أين ومتى يمارس هذه العادة بطريقة لا تؤذيه وتضره.
إنّ طاقات الأطفال من ذوي التحديات الخاصة أياً كان نوع التحدي والاضطراب، يمكن بالوعي تحويلها إلى انطلاقة ومنجزات، يأتي هذا من بناء احترام الذات لديهم، ومن إلغاء نظرة الدونية واعتبارهم عالة، وتحويلهم إلى أشخاص فاعلين.
فالحب… والتقبّل…. والإيمان بقدراتهم….ينقلهم إلى الضفة الآمنة.
بعض المراجع
- الدكتور حامد عبد السلام زهران – علم نفس النمو/الطفولة والمراهقة – القاهرة عالم الكتب 1244/ 2001
- الدكتور يوسف القربوني – مدخل إلى التربية الخاصة – دبي دار القلم للنشر والتوزيع 2001
أضف تعليق