نعيش اليوم في عصرٍ تُعتبر التكنولوجيا فيه عنصراً أساسياً لا يتجزأ، فلا نستطيع تخيل حياتنا اليوم بدون أجهزتنا المحمولة وحواسيبنا الشخصية.
حيث تلعب التكنولوجيا دوراً هاماً في المجتمع وتؤثر في كل نواحيه وتحدد كيفية تفاعل الأشخاص مع بعضهم البعض يومياً.
ولكن مع الانتشار الكبير لهذا المجال نلاحظ أن النساء لا تشغل فيه سوى نسبة 16% فقط، وهي نسبة بقيت على حالها خلال العقد الأخير، فما هو السر الكبير وراء هذا الاختفاء الغامض للمرأة في مجال التكنولوجيا؟
المرأة ودورها الجذري في مجال البرمجة عبر العصور
مع استمرار هيمنة الذكور على مجال التكنولوجيا في الوقت الراهن. أصبح من السهل نسيان كيف كانت المرأة فعالة وقائدة في هذا المجال منذ نشأته قبل حوالي 300 سنة.
حيث لا يمكننا نسيان Ada Lovelace أول مبرمجة حواسيب في العالم. التي استُخدمت ملاحظاتها حول المحرك التحليلي للمساعدة في تصميم أول حاسب حديث في الأربعينات.
أو الأدميرال Grace Hopper التي تعتبر من أوائل مبرمجي الكمبيوتر في العالم حيث أدى عملها إلى تطوير لغة البرمجة COBOL التي لا نزال نستخدمها حتى يومنا هذا.
أو الممثلة والمخترعة Hedy Lamarr التي كان لها ولبراءة اختراعها عن “نظام الاتصال السري” الفضل الكبير في اكتشاف تقنية الشبكات اللاسلكية WI-FI المستخدمة بشكل شائع في يوما هذا.
كان لهؤلاء الإناث وغيرهن الكثير، الفضل في التقدم الذي وصلت له البشرية في مجال التكنولوجيا وعلى الرغم من جميع العقبات التي واجهتها النساء العالمات وعالمات الرياضيات والمبرمجات عبر التاريخ إلا أنه تم الاعتراف بأعمالهن وتم استخدامها على نطاق واسع.
ولكن خلال العشر سنوات الأخيرة تراجعت أعداد المرأة في مجال التكنولوجيا لتصل لنسبة 16% وهي نسبة ضئيلة جداً مقارنة بباقي القطاعات مثل الرياضيات والهندسة والعلوم التي شهدت تزايداً ملحوظاً بأعداد النساء حتى في الأعمال الرئيسية.
احتمال دراسة الإناث لمواضيع تكنولوجية أقل من الذكور
أحد أسباب انخفاض نسبة النساء العاملات في قطاع التكنولوجيا مقارنةً بالقطاعات الأخرى هو أن احتمال دراسة الفتيات لاختصاصات تكنولوجية في الجامعة أقل مقارنةً بالفتيان.
ووفقاً لتقرير أعدته منظمة (المرأة في مجال التكنولوجيا) على مجموعة من طلاب المدارس. كانت أعداد الطلاب الذكور الذين اختاروا مواضيع لها علاقة بالتكنولوجيا أكبر من عدد الطلاب الإناث.
حيث كانت نسبة الذكور 83% في حين أن نسبة الإناث 64% فقط.
وتتضح نسبة التفاوت هذه في الجامعة. حيث يقرر 52% من الذكور دراسة تخصصات لها علاقة بالتكنولوجيا والبرمجة، مقابل 30% فقط من الإناث.
الفجوة تتسع أكثر وأكثر عندما يتعلق الأمر بالدورات المهنية والورش التدريبية أثناء مرحلة الدراسة الجامعية، حيث أن 13% من الطلاب الجامعيين الذكور يتلقون دورات لها علاقة بتخصصاتهم مقارنة ب 2% فقط من الإناث.
هناك عدة أسباب تدعو إلى تفضيل الذكور التخصصات التكنولوجية أكثر من الإناث، حيث ذكر التقرير أن الفتيات يتجنبن مواضيع التكنولوجيا لأنهن يشعرن بأنهن أفضل في العلوم الإنسانية وغيرها من التخصصات الأخرى، أخريات يتجنبن مجال التكنولوجيا لأنهن لا يجدونه مثيراً للاهتمام، بعضهن لا يفضل دخول هذا المجال لأنهن لا يعتبرونه ذو صلة بالمسارات الوظيفية التي ينوين اختيارها.
السبب الحقيقي فجوة تعلم التكنولوجيا بين الجنسين
أما السبب الأساسي هو قلة أعداد الفتيات اللواتي يُعتبرن المثل الأعلى أو القدوة لباقي الفتيات ليتبعن خطاهن بدراسة هذه المواضيع في الجامعة مقارنةً مع العدد الكبير من الذكور الذين يُعتبرون مثلاً أعلى في هذا المجال.
بالإضافة إلى التصورات الخاطئة والصورة النمطية المتشكلة عن أنواع الأدوار الموجودة في مجال تكنولوجيا المعلومات بوصفه مجالاً ذكورياً.
مما يولدّ عند الفتيات عدم ثقة بأنفسهن على أنهن يستطعن النجاح في دراسة هذه التخصصات التي تعد من أصعب التخصصات الجامعية، فيقررن دراسة مواضيع لا تتعلق بالتكنولوجيا في المدارس والجامعات، مما يعني أن أرباب العمل في الشركات سيصبح لديهم عدد أقل من الإناث للاختيار منهن عند التوظيف.
معظم فتيات العالم لا يفضلن العمل في الشركات البرمجية
بغضّ النظر عن الإحصائيات، فإن إدخال عدد أكبر من النساء في الشركات البرمجية يفيد الشركة من عدة نواحي، حيث تبين بعض التقارير في المملكة المتحدة أن زيادة عدد النساء العاملات في مجال تكنولوجيا المعلومات يمكن أن يحقق 2.6 مليار جنيه إسترليني إضافية في السنة لاقتصاد المملكة المتحدة، فالحصول على فريق من كلا الجنسين هو دائماً مفيد لأيّ شركة، حتى داخل قطاع التكنولوجيا، لأنه ستكون هناك قوة عاملة متوازنة عندما يتعلق الأمر بتقاسم الأفكار والقيادة والإبداع في المشاريع الجديدة، وأيضاً سيمكن الشركة من إيجاد منتجات أفضل وأكثر أماناً تأخذ الجميع في عين الاعتبار، وليس مجرد قطاع واحد من المجتمع.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حين أصدرت شركة أبل تطبيقها حول الصحة العامة، الذي يمكنك من خلاله تتبع ومراقبة وظائف الجسم الحيوية مثل الوزن والدم، ولكنهم نسوا الحيض، وهي وظيفة جسدية أساسية يعاني منها نصف سكان العالم، وقد استغرق الأمر عاماً كاملاً لكي تصحح شركة أبل الأمر وكان من الممكن أن يبرمجوا الأمر منذ البداية لو أنهم أدخلوا إناثاً أكثر أثناء العمل البرمجي على هذا التطبيق.
بالتالي أصبح من الواضح أن الشركات تحتاج إلى النساء في قطاع التكنولوجيا، وعلى الرغم من المحادثات الوطنية بشأن التنوع بين الجنسين في الشركات التكنولوجية، لا تزال المرأة ممثلةً تمثيلاً ناقصاً، وتتقاضى أجوراً أقل، وكثيرا ما تتعرض للتمييز في صناعة التكنولوجيا، وبالتالي يتعين على المدراء أن يتحملوا مسؤولية خلق ثقافة داخلية في الشركة تعزز التنوع والمساواة والاندماج.
ماذا الذي يمكننا فعله للمساعدة في ردم الفجوة؟
لقد قطع قطاع التكنولوجيا شوطاً كبيراً في اجتذاب المزيد من النساء إليه واقترب من المساواة في الأجور، ولكن لا يزال هناك انقطاع واضح في الطريقة التي ينظر بها الرجال والنساء إلى التنوع الجنساني في مجال تكنولوجيا المعلومات، فما الحل؟
بعد أن ثبت وجود فجوة كبيرة بين الجنسين، هناك عدد من الخطوات التي يمكن اتخاذها لزيادة عدد النساء العاملات في قطاع التكنولوجيا، تشمل ما يلي:
- ينبغي للشركات أن تشارك في تثقيف الطلاب بشأن التكنولوجيا ودورها في تشكيل العالم.
- تسهيل الوصول إلى المهن التقنية.
- زيادة في إبراز المُثل العليا من النساء في المجال.
- تهيئة المجال أمام المرأة لتمكينها من تحقيق إمكاناتها الكاملة.
- والتخلص من الحوارات الضارة التي تعزز الصورة النمطية القائلة بأن التكنولوجيا هي عالم للذكر فقط.
المصدر باللغة العربية: https://www.arageek.com/tech/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7
Add Comment